هل يمكن للوساطة العربية أن تنجح في إنهاء الحرب بأوكرانيا؟

0
هل يمكن للوساطة العربية أن تنجح في إنهاء الحرب بأوكرانيا؟

ترعاها جامعة الدول العربية برئاسة أمينها العام أحمد أبو الغيط. فما هي دواعي هذه الوساطة؟ وما حظوظها في النجاح لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

جرائم حرب في مدينة بوتشا الأوكرانية؟ 2 أبريل/نيسان 2022. © رويترز

اختارت الدول العربية عموما أن تبقى بمنأى عن الحرب في أوكرانيا لخطورة وضع غير مستعدة على جميع المستويات للانخراط فيه، لا سيما وأن النزاع يهم أكبر قوى الغرب والعالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، وعلى الطرف الآخر روسيا التي اجتاحت قواتها الجار الأوكراني، والتي تربطها معهما مصالح متداخلة.                                         

وكانت 15 دولة عربية صوتت في مارس/ آذار لصالح قرار، غير ملزم، في الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يدين الغزو الروسي ويطالب موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا، لكن مواقفها ظلت دائما تصب في زاوية الحياد، فيما امتنعت كل من الجزائر والسودان والعراق عن التصويت أما المغرب ففضل التغيب. 

هذه المنطقة الضبابية اتجاه النزاع التي فضلت البلدان العربية البقاء فيها بالبداية، يبدو أنها فهمت مع مرور الوقت أنها لا تخدم وجود الكثير منها بسبب الأضرار التي تلحقها بأمنها الغذائي وتهدد اقتصادها. ويعتقد مراقبون أن الوساطة العربية انطلقت من هذا المعطى أساسا في بناء محاولة للتدخل لدى طرفي النزاع لإيجاد حل سياسي له.  

وانطلقت هذه الوساطة الإثنين بزيارة “مجموعة الاتصال العربية”، التي ضمت وزراء خارجية مصر والسودان والجزائر والعراق والأردن يتقدمهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ، إلى موسكو حيث التقوا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وبحسب الخارجية الجزائرية “يستمع الوزراء العرب إلى مواقف وانشغالات الطرفين على ضوء آخر التطورات الأمنية والسياسية للأزمة في أوكرانيا”. 

وعقب هذا اللقاء، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحفي: “عبرنا خلاله عن القلق إزاء امتداد أمد الأزمة الراهنة، ودعوة كافة أطراف النزاع إلى التوقف عن التصعيد وعدم الاحتكام للعمل العسكري، كما شددنا على اللجوء الفوري للحلول السلمية والدبلوماسية القائمة على الحوار”.

وأضاف: “أكدنا كذلك على أهمية التنسيق للحفاظ على أمن وسلامة الجاليات العربية الموجودة في منطقة النزاع حاليا وتسهيل عبور الراغبين منهم إلى الدول المجاورة، كما تناول الجانبان سبل التغلب على التبعات الاقتصادية لهذه الأزمة وضمان عدم تأثيرها على شعوب المنطقة وخارجها”.

 

لقد لاحظنا جميعنا في الفترة الماضية صراعا بعباية جديدة في العالم !!

وكانت نتائجها انقسامه إلى قسمين: قسم أول ترأسه أمريكا ومن ثم الغرب الذي يبين وقوفه مع أوكرانيا. وقسم ثان نجد فيه روسيا وحلفاءها المعلنين منهم أو غير المعلنين. ولكل منهما حججه ومخططاته ورؤيته ومصالحه الخاصة وخصوصياته في العلاقات مع بعضها البعض ومع القوى العالمية، وبذلك تتفاعل بشكل مختلف مع الموقف.

يشار إلى أن الجميع يتفق مع الأطروحة حول إضعاف الغرب جهرا أو سرا، بمن فيهم منتقدو التدخل الروسي. يشعر العالم العربي، الذي تشارك الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي بنشاط في شؤونه، بالقلق من نتيجة هذا الصراع. فالمنطقة، من جهة، مهتمة عموما بإرساء تعدد أقطاب مستقر وإضعاف اعتمادها على الغرب. ومن جهة أخرى، تدرك أن الولايات المتحدة هي الضامن الرئيسي للأمن في أكثر من منطقة بالعالم، وتقدم المساعدة المالية والعسكرية والفنية لعدد من الدول العربية.

ويمكن وصف الموقف الرسمي للدول العربية من الأحداث في أوكرانيا وأفعال روسيا بأنه رغبة في النأي بنفسها عن الأزمة الأوكرانية، وتجنب الانتقادات من أي من الجانبين وعدم الانجرار إلى مواجهة بين روسيا والغرب. ومع ذلك، فإن مواقف دول العالم العربي غير متجانسة بأي حال من الأحوال، ولكل منها مصالحها الخاصة وخصوصياتها في العلاقات مع بعضها البعض ومع القوى العالمية، وتتفاعل بشكل مختلف مع الوضع في أوكرانيا.

وتفضل هذه الدول أن تحافظ عموما على علاقاتها مع طرفي النزاع. لا ننسى دور موسكو في عدد من الملفات ذات الارتباط العربي بمجموعة من المناطق. فروسيا تلعب دور الوسيط في تسوية عدد من النزاعات في الشرقين الأدنى والأوسط (القضية الفلسطينية – الإسرائيلية، والسورية، والإيرانية). في حالتي سوريا وإيران، فإن دورها هو أحد الأدوار الرئيسية. الشرق العربي معني بمسألة كيفية تأثير التناقضات الروسية الأمريكية بشأن أوكرانيا على حل المشاكل الإقليمية.

 

أما بالنسبة لمشكلة الغذاء ؟

فإن مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بين أوكرانيا والدول العربية متواضع للغاية بشكل عام. ومع ذلك، فإن ضمان إمداد مصر بالحبوب الأوكرانية الرخيصة، على سبيل المثال، يعد أمرا ذا أهمية قصوى، نظرا للحفاظ على مستوى معيشة جزء كبير من السكان والاستقرار الاجتماعي والسياسي في بلد شهد أربعة تغييرات من السلطة على مدى ثلاث سنوات ونصف ويواجه صعوبات اقتصادية مزمنة. تعتبر روسيا وأوكرانيا الموردين الرئيسيين للحبوب لمصر. ومن منطقة شمال البحر الأسود، يتم تصدير الحبوب أيضا إلى ليبيا واليمن وسوريا والمملكة العربية السعودية.

في نهاية أبريل/ نيسان، أكد البنك الدولي أن الأزمة الأوكرانية ستسبب مشكلة للأمن الغذائي للدول العربية. وتشمل الأردن واليمن ومصر ولبنان التي تشتري 50٪ من القمح والذرة المستورد من أوكرانيا. كما تخشى الدول العربية من تأثير الخلافات الروسية الأمريكية بشكل سلبي على الوضع حول سوريا وإيران.

بعد فقدان الثقة وصعوبة الوصول إلى حل بين أوكرانيا وروسيا، أظن أن على العرب التدخل كل منه بطريقته مع من يتحالف علنيا لمحاولة إقناعه على الأقل بالدخول في هدنة في انتظار إيجاد خريطة طريق للتوصل لحل سياسي.

فالجميع ضد الحرب وقتل الأرواح البريئة، ولكن إذا أراد الجميع وقف ذلك، فأظن أن العرب هم من القلائل الذين ما زالوا يربطون علاقات دبلوماسية جيدة مع كل الأطراف، وبالتالي بإمكانهم حثهم على التقدم في المفاوضات.

ممكن أن يتغير شيئا بتدخل العرب؟ أظن أن هذه الوساطة قد تؤدي إلى ليونة أكثر في المفاوضات، خاصة وأنه لا يوجد مشاكل تاريخيا بين العرب وروسيا أو أوكرانيا. 

 

    LEAVE A REPLY

    Please enter your comment!
    Please enter your name here